مقص النفاق والسب في شأن الفريق عبد الفتاح السيسي

أعترف أنني كنت من أول الناس المنادين بعدم اللجوء أو الاعتماد على الجيش في تحقيق أهداف الثورة، وذلك كان قبل ثورة 30 يونيو. ويجب علينا جميعا الاعتراف بأن حكم الإخوان (غير المسلمين) لم يكن ليُتزعزع لولا وقفة الجيش، ولولا أوامر الفريق السيسي، شئت أم أبيت، كان لابد من مواجهة جماعة إرهابية بكيان مؤسسي مُشرع له حمل السلاح قانوناً وتابع للوطن (لا الدولة). وإلا تحولت الشوارع إلى اشتباكات بين أهل مصر وأهل التيارات العابدة للإسلام السياسي. 



والوضع الآن هو كالآتي
- حكومة غير ثورية وميتة إكلينيكيا لا تسعى بجدية إلا تحقيق طموح الفقراء، وتصطنع الأسباب التافهة التي يأخذها الإخوان ذريعة للهجوم عليها والمتاجرة بفشلها، إحدى الأمور المستفزة هي قانون التظاهر. ولا أدري من العبقري الفذ الذي أشار على الحكومة بصنع قانون كهذا يهيج الدنيا عليها دون داع، وبإمكانها تطبيق قانون العقوبات الموجود في القانون المصري، حتى قانون الطوارىء، غير مطبق وعديم الفائدة في ظل وجود مظاهرات، مُخربة أو عنيفة يومية، من الإخوان وأعوانهم، وجود القوانين العقيمين لا يؤدي إلا إلى استجلاب المزيد من الهياج الدولي والمحلي ضد الدولة وحتى الجيش (رغم أن لا علاقة له بذلك)

- ثلاثة يضرون بالجيش وبيقيادته الجديدة (السيسي) وصورتهما الآن: أولا، عقم الحكومة وفشلها الذريع، ثانيا،هو النفاق الزائد عن حده في حق السيسي، فهناك من يصنع منه نبياً أو يود تنصيبه رئيسا بالتزكية! وأعلم ان الكثير من الناس سعيدون به، ويحبونه حبا جما، وأعتقد انني ممن يحبه لجديته، لكن البعض وبالذات في الإعلام، أخذ الحب بهم إلى تيار نفاق جارف لا يُحتمل، وذلك يضر بالسيسي أكثر مما ينفعه، ويعطي الإخوان كروتاً إضافية لاللعب على نغمة "عودة دولة العسكر وعبيد البيادة"، هؤلاء الإخوان هم الطرف الثالث الأقل إساءة للسيسي، رغم الحرب الشديدة التي يخوضونها ضده في كل الميادين، الشارع، الجامعات، الصحف الدولية، والاحتجاجات. وأقدر كل الناس المتعصبين للفريق السيسي، وأقدر أنهم حقا يحبونه ويعرفون قيمته ودوره الأساسي في إنقاذ مصر من سقوط الدولة المصرية في يد حثالة لا علاقة لها بالدين.

- أما مقص السب من طرف مؤيدي أسلمة السياسة ومنافقي السلطات، فهو الذي يشتت أفكار الكثير من الناس، وشخص كباسم يوسف، ساخر تعودنا على أساليبه التهكمية الضاحكة، لن يضر وجوده أو عدمه، لأنه في كل الأحوال ساخر يقوم بعمله. وأعلم أن الكثير من محبي السيسي غضبوا لإشارة باسم، بشكل ما، للسيسي، وقد أحزنني جدا تمثيل "الجماهير" أو "مصر" او "الشعب" بالمرأة المخنثة التي تستبدل الرجال وترتدي البنطال المموه (دليل على اختراق الجيش للجزء السفلي من هذه المرأة؟)، ورأيي الخاص ان السخرية تعدت حدودها إلى حد ما. لكن ليس من الحكمة غطلاقاً، تضخيم شان الحلقة، وشأن السخرية، لأن الدولة، إن أردناها ديمقراطية، لا يجب عليها ان تسجن أو تشن حربا إعلامية على مهرج مهما كانت الأسباب. ببساطة لأن السبب في نجاح باسم يوسف هم "الجماهير"، أي الناس، أي الشعب، لا شلة التويتر التي تسب الجيش ليلا نهارا بداع أو بدون داع. والسبب في فشله هم الناس أيضا، فإذا أحس الناس أن باسم يخوض في عرضهم أو من يحبونه، الناس هم الذين سيقررون فشله، وإذا علا نجم البرنامج فسيعلو بسبب الناس، كما حدث أيام مرسي وأيام الثورة. 



إذا كنت، أنت القارىء، من طائفة الثورية من أجل الثورة (كما الفن من جل الفن مثلا)، ومن الناس الذين يسبون أي شخص وتوزعون صكوك الخيانة والوطنية أو الفاشية على الكبير والصغير، فكف لو سمحت عن التذمر ولعب دور سي السيد الذي يسب الشعب ويحتقره ويتهمه بالفاشية، فلا ينتظر الوطن خطوته العزيزة لتحقيق الآمال، إذا كنت فاشل في الوصول إلى الشعب والناس والتأثير فيهم، فلا تلوم إلا نفسك، لأنك انت من فشلت في طرح قضيتك (إن صحت). الإخوان، رغم شرهم، نجحوا في جلب كتلة كبيرة في صفهم في وقت من الأوقات، والمجلس العسكري 2011، استطاع ان يضم إليه جزء كبير من الشعب رغم خصومتنا السياسية له. أما أنت يا من تتهم الشعب كله بالحقارة فقط لأنه يقدر السيسي، ماذا قدمت؟ ماذا فعلت لقضيتك؟ أنت لا تعرف سوى كلمة "يسقط يسقط" وتولول فقط، والولولة لا يقوم بها الرجال، عفواً.

المفيد من كل هذه القصة، هو أن شق الصف يواجهنا جميعا، وهناك الف شأن أهم مليون مرة من باسم يوسف ومن نجوم كثر، هناك مصر، التي تتعرض للقصف والإرهاب والفوضى والتفجير في الكنائس والقتل العمد للأبرياء، وغباء من أجهزة الدولة المترهلة، واختراق وخيانات من عناصر إخوانية في الداخلية ومؤسسات الدولة، حرب من كل الاتجاهات ضد المواطن العادي الذي هو اول المظلومين.




Comments