أزمة النيل وأمة النجاشي
لا يتمنى عاقل في مصر زوال نعمة كمياه النيل من أرضه، ولا أتمنى أنا قهر شركاء النيل وحرمانهم من الكهرباء والطاقة. إن الذنب الحقيقي الذي أدى إلى أزمتنا الحالية جذورها عميقة وترجع الى أزمنة الفراعنة، وبدت ملامح لها منذ خمسينيات القرن الماضي بعد ثورة يوليو، وأنظر في حالنا الآن وحالنا حين ذاك وأستنتج أننا لازلنا نتعلم من جمال عبد الناصر حتى بعد موته بـ43 سنة. أنظروا الى تواجد وحضور مصر (كدولة) أيام الستينيات والخمسينيات في أعماق الدول الأفريقية، لقد تمكنت مصر حينها من الحفاظ على هويتها الأفريقية بين قلوب سكان القارة، كانت لديها عيونها من المخابرات في دولها لمنع دخول اسرائيل في استثمارات في أفريقيا والتسلل لمصر من الجنوب، كانت تصدر منتجاتها للدول الأفريقية وتعلم أبنائها في جامعات مصر لتقوية الصلات الاجتماعية بين الدول الأفريقية وبينها، كانت هناك قوة ناعمة، ودولة تستطيع طرح حلول واستيعات مشكلات، وكان لديها مسؤول خاص للملف الأفريقي لإدارة أي شؤون أو أزمات. ليس كالآن، كمؤتمر لا يُعرف أوله من آخره ولا يعلم ممن عقده أو من حاضريه أي خطة أو مقترح ملموس يخرج بنا من الأزمة، إن السبب الحقيقي في الأزمة هو احتقار مصر لأفريقيا منذ موت عبد الناصر، وخاصة في غباء الدولة المصرية في التعامل مع ملف أفريقيا أيام مبارك.
ومن الصدفة البحتة، ذكري، ضمن أحداث روايتي الأخيرة (أصحاب الأخدود) دور النجاشي (ملك إثيوبيا أو الحبشة وقتها) في تحدي ملك اليمن ومحاربته بجيش كان من قادته محارب اسمه أبرهة بن الصباح (أو المعروف في زمننا باسم أبرهة الأشرم)، وكيف داهم الأخير الكعبة في الحجاز ليهدمها انتقاما من الحجاج اليها (وعدم الحج للكنيسة التي بناها). ولكن كما جاء في القرآن، قد أنقذ الرب بيته بإرسال طير أبابيل يهزم أبرهة، ممثل الدولة الحبشية. أما الآن، فنحن لسنا الحجاز، نحن مصر، حيث المعجزات تأتي بعزيمة أهل الوطن، لا بالدعاء فقط، هذه المرة، إن هجمت علينا أمة النجاشي فلن نجد طيراً ينقذنا، ومن الحكمة أن نصنع من أبرهة هذا الزمان نجاشي غير ظالم يحمي المهاجرين العرب ، لا نجاشي أصحاب الأخدود.
Comments
Post a Comment