رسالتي إلى الأحياء في هذا العالم
الفرق بين الإنسان والحيوان هو القدرة على بناء العقل والتطور, دون التغاضي عن قيمة الألفة والمحبة. كنت أتمنى أن أرى هذا الإنسان قادر على تحقيق العدل ريثما يعمر الأرض. ما قيمة تعمير الأرض دون عدل؟ أيها الأحياء... لقد أخذتكم الدنيا وبريقها من أمور لم تبصرها أعينكم, تلك الأمور لا تبصرها إلا القلوب. ظننتم أن مصلحتكم في أن تنشغلوا في الأعمال والمصالح المهمة فضلا عن أي شيء, ونسيتم أن الله وصى بصلة الرحم والتواصل بين الأحباء, ظننتم أن المال والبنون والحياة ولذاتها ستدوم, وأن كل ذلك دون غيره سينفعكم! ولدتم فوجدتم أنفسكم في سلة مُعطيات, جنسيتي كذا, ديني كذا, عاداتي كذا, مبادئي كذا, واعتقاداتي كذا وطباعي كذا... وتملككم التعصب إلى تلك المعطيات حتى ظننتم أن التعصب يحميكم من أشياء أخرى غريبة عنكم. نسيتم أن الله خلقنا مختلفين في اللون واللسان كي نتعلم من بعضنا البعض, ويكمل كل واحد منا ما ينقصه. استغرقنا ساعات وساعات في أعمالنا وانشغالاتنا ونسينا أن أننا روح ولسنا مجرد جسد من لحم ودم, وأن هناك أناس يودون السؤال عنا. لم يعد الإنسان المخلص والوفي منا شخص يُحترم من الآخر, بل يُحتَقر ويُستهان به. أصبح الحُكم الظالم هو السائد في النفوس, وأصبحنا راضين عن قسوتنا بالأعزاء. أصبح الكل يرتدي أقنعة لكل موقف ظناً أن ذلك ذكاء وفلاح! أصبحنا بارعين في التصنع والخداع, حتى أصبح الكذب حقيقة, والحقيقة غريبة وكاذبة! البرأة في زمننا شيء معيوب, والحب الحقيقي عار وخيانة للعقل! اختلطت المعاني والتعريفات! الشيخ هنا يصرخ مندداً بالكفر, والكاهن هناك لا يسمع إلا صوته فقط, وكل فئة وطائفة ومجموعة تظن أنها وحدها تملك الحق اليقين! هجرنا الكتب والعلم والثقافة وأصبحنا نهتم بالتفاهات... أصبحت أصواتنا عالية ولا نتفاهم... ما أبشعكم! هل أنتم أحياء؟ بل نحن مسخ...
رسالتي إلى الأحياء في العالم... ارجعوا إلى ضمائركم إن كان لكم ضمائر, تعلموا السماحة والغفران, ولا تفرضوا على غيركم رأياً أو حكماً أو منهجاً أو ديناً, كرم الله بني آدم فلا تهينوه... الواثق من معتقداته لا يخاف من شيء... اعطوا الإنسان حرية الإختيار ودعوه يسير أينما شاء, تعلموا من كل شيء حولكم وتأملوا قدرة الله, واعلموا أن دولة العدل هي التي تؤدي للدين وليست الديانة التي تحقق العدل! تعلموا أن العالم دون حب... عالم جاف بلا روح أو قلب, لا يعرف إلا الكراهية والعنف والدمار, رسالتي إليكم... سلموا أنفسكم إلى خالقكم, قدروا العدل, إن لم تقيموه في هذا العالم... فأنا لا أود العيش فيه, ولقد سئمت العيش فيه....
Comments
Post a Comment