نعم إن الرب يتدخل...



لا أعتقد مطلقاُ أن الإطار الذي انتهجته ثورة 25 يناير كانت من هندسة بشرية مرتبة ... ولكن ما حدث عقب أول يوم من التظاهرات الأولى كان من ترتيب قوة خارقة,  من الذي أوحى للنفوس أن تتخذ من ميدان التحرير مقراً للصمود؟ إن الله تعالى, كل السيناريو الذي كتب لهذه الأحداث كان سيناريو إلهي من الدرجة الأولى. و بالرغم أن كل اثنان أو أكثر من المصريين الجالسين في المقاهي و البيوت كانوا يتأملون احتمالات ضئيلة لسقوط العميل الإسرائيلي مبارك, إما بالموت المفاجىء الذي لا يريد أن يأتي أبداٌ, وإما بقتله من رجل فقد كل أسباب حبه للحياه إن قدر! لم يكن يتصور عاقل منا أبداً أن ينتهي الأمر بمبارك هكذا, هذا الذي كان الإله الوحيد الذي يأمر وينهي ويسبح المنتفعين بحمده.... أن يصبح بعد أقل من ثلاث أشهر في موضع إدانة وقريباً في السجن مع نجليه الظراف, الذين هم أيضاً كانوا  الآلهة الكبار في البلاد. وتصبح أسطورة "الحزب الوطني الديمقراطي" التي تغلبت في روعتها على أسطورة ال300 اسبارتي (وكان الحزب الوطني أفضل في أنه كان يتكون من 3000000 عضو :)), بل وحتى أن بقاء هذا الغير مبارك في مستشفى شرم الشيخ أصبح ضاراً بالسياحة, بعد أن كان المباركين والسذج يتهموننا (شباب الثورة) بالإضرار يالسياحة... بل وأن حتى  تنابلة السلطان من أنصاف الفنانين المصريين الذين أتهمونا بأننا كنا نتحرش جنسيا ونتعاطى المخدرات ونتعاون مع أجهزة خارجة (ومنها مثلاً شركة أمريكانا صانعة كنتاكي)  قد سقطوا سقوطاً مخجلاً وسافراً (فنانوا القائمة السوداء --- طلعت زكريا تامر حسني إلهام شاهين غادة عبد الرازق إلخ). جأت هذه الثورة بتطهير تلقائي... وتنظيف جزري لأقوام العار في مصر الذين جلبوا لبلدنا الخذلان والتخلف! 
بعد كل هذا يأتي طلعت السادات, ليعلن عن تسرع وثقة لا أدري من أين جاء بها.... عن توليه رئاسة الحزب الوطني للرئيس المخلوع!! معتقداً أنه سيعيد أمجاد عمه (محمد أنور السادات , وإذا كانت له أمجاد) الذي هو كان مؤسس الحزب الوطني سنة 1978 وكان اسمه السابق حزب مصر. ألا يعلم طلعت السادات أن مشكلة الحزب الذي أسقطناه هو ورئيسة غير مرغوب ومكروه من كل المصريين تقريباً؟ أم يظن أن الناس ستتهافت للانضمام إلى الحزب الوطني الجديد لما يحمله من رائحة السادات؟؟ يا نهار اسود!!! السادات تاني! لماذا لا نحاول أن نصنع عصرنا ومصائرنا بعيداً عن روائح الأزمنة السابقة؟ مع الاستفادة من المبادىء الصحيحة والمناسة القديمة 
والأخطأ أيضاً.



إن الحكم الذي جاء من المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطني وإرجاع كل ممتلكاته للدولة هو الرد الذي كسر ثقة طلعت السادات في أمل إعادة أمجاد أنور السادات (إن كانت له أمجاد) . وبما أننا نتفق على أن الثورة تطهر البلد تلقائياً, فإنها أدانت إتجاه طلعت السادات, والثورة ستظل هي رغبة الشعب التي ستنفذ....
نعم إن مصر التي سبقت 25 يناير 2011 ب40 عاماً ليست مصر القادمة, لأن الشعب اليوم عاد ليفرض كرانته. ولكن... ما الذي أعطى القدرة للبشر الضعفاء أن ينتصروا على الآلهة؟ إنه الرب الذي تدخل لينصرنا... "وإن تنصروا الله ينصركم", ولماذا نصرنا الله في ال25 من يناير بالذات دون كل الأزمنة السابقة؟ لأننا وقفنا أمام الظلم والطاغوت دون خوف وآمننا أن الله لن يخذلنا. إن الله لن يقف إلى جانب الكسول إذا تقاعس عن المطالبة بحقه, ولن ينصر المظلوم إذا سكت عن الظلم... إن الله تعالى كان يرغب منا مجرد التوكل عليه... وبعدها يوفر لنا كل أسباب الانتصار.وقد قال "من جأني ماشياً جئته مهرولاً" و قال أيضاً "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" فالله ما كان يريد منا سوى أن نستعد عن حق وجد... ومن بعدها يعيننا الله على الانتصار... حتى وإن كنا ضعفاء... نعم... إن الرب يتدخل

Comments